أهمية الجمهور في كرة القدمبين الواقع والخرافة
2025-09-30 04:22:07
هل يمكن أن تتخيل ملاعب كرة القدم خاوية من الجماهير؟ مشاهد صامتة تخلو من الهتافات والأغاني وأدوات التشجيع، حيث لا يسمع سوى صدى الكرة وأصوات اللاعبين. هذا المشهد الذي كان نادرًا أصبح واقعًا في ظل جائحة كورونا، مما أثار تساؤلات عميقة حول دور الجمهور وتأثيره الحقيقي على سير المباريات ونتائجها.
تجربة ملعب الميستايا في فالنسيا كانت مثالًا صارخًا على هذا الغياب. ذلك الملعب الذي اعتاد استقبال 55 ألف مشجع أسبوعيًا، تحول فجأة إلى مساحة شاسعة من المقاعد الفارغة. على الرغم من ذلك، استمرت المباراة بين فالنسيا وأتالانتا، وانتهت بهزيمة فالنسيا بأربعة أهداف. هنا يبرز السؤال: هل كان للغياب الجماهيري دور في هذه النتيجة؟
تاريخيًا، عرفت أوروبا فكرة حرمان الفرق من جمهورها كعقاب على السلوكيات غير المناسبة. في الثمانينيات، خاض ويست هام مباراة بدون جمهور أمام ريال مدريد، وفاز بالمباراة بشكل مفاجئ. وتكرر الأمر مع أستون فيلا وإنتر ميلانو، حيث حققت هذه الفرق انتصارات رغم غياب مشجعيها.
هذه الأمثلة تدفعنا للتساؤل: ما هو التأثير الحقيقي للجمهور؟ الدراسات الإحصائية تشير إلى أن الفريق المستضيف يفوز في 45% من المباريات، ويتعادل في 25% منها. لكن هل هذه النسب تعكس حقًا تأثير الجمهور، أم أنها مجرد أرقام لا تعبر عن الواقع؟
الحقيقة أن الجمهور يخلق طاقة خاصة لا يمكن قياسها بأرقام. المشجعون يمنحون اللاعبين دفعة معنوية هائلة، ويخلقون بيئة ضغط على الفريق المنافس. حتى الحكام يتأثرون بوجود الجمهور، حيث يصبحون أكثر حذرًا في قراراتهم.
في العالم العربي، عاش الجمهور تجربة القصور لفترات طويلة. الجمهور المصري حُرم من المدرجات لسنوات، لكن ذلك لم يمنع الأهلي من الفوز بالبطولات الأفريقية. ومع ذلك، تبقى لحظات الوداع التاريخية، مثل تحية أبو تريكة الأخيرة، ذكرى تؤكد أن كرة القدم بدون جمهور تفقد جزءًا من روحها.
ختامًا، رغم كل الأرقام والإحصائيات، تبقى كرة القدم لعبة جماهيرية بامتياز. الجمهور هو الذي يمنحها الروح والمشاعر، وهو الذي يحول المباراة من مجرد حدث رياضي إلى قصة إنسانية تبقى في الذاكرة.